تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ
تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ
يقول تعالى في سورة آل عمران " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)"
ويقول تعالى في سورة الرحمن : " يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)"
قال المفسرون: من شأنه أن يحيى ويميت، يغني فقيرا ، ويجبر كسيرا ، ويعز قومًا، ويذل قومًا، ويشفي مريضًا، ويفك عانيًا ويفرج مكروبًا، ويجيب داعيًا، ويعطي سائلا ويغفر ذنبًا إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء .
قالت هند بنت الملك النُّعمان ابن المنذر: لقد رأيتُنا ونحن مِن أعزِّ الناس وأشدِّهم مُلكاً ، ثم لم تَغِبِ الشمسُ حتى رأيتُنا ونحن أقلُّ الناس ، وأنه حقٌ على الله ألا يملأ داراً خَيْرة إلا ملأها عَبرة .
وسألها رجلٌ أن تُحَدِّثه عن أمرها ، فقالت : أصبحنا ذا صباح ، وما فى العرب أحدٌ إلا يرجونا ، ثم أمسينا وما فى العرب أحد إلا يرحمُنا . وبكت أختها حُرقَةُ بنت النُّعمان يوماً ، وهى فى عِزِّها ، فقيل لها : ما يُبكيكِ ، لعل أحداً آذاك ؟
قالت : لا ، ولكن رأيتُ غَضارة فى أهلى ، وقلَّما امتلأت دارٌ سروراً إلا امتلأت حُزناً .
قال إسحاق بنُ طلحة : دخلتُ عليها يوماً ، فقلتُ لها : كيف رأيتِ عبراتِ الملوك ؟
فقالت : ما نحنُ فيه اليومَ خيرٌ مما كنا فيه الأمس ، إنَّا نجِدُ فى الكتب أنه ليس مِن أهل بيت يعيشون فى خيْرة إلا سيُعقَبون بعدها عَبرة ، وأنَّ الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بَطَن لهم بيوم يكرهونه ، ثم قالت :
فَأُفٍّ لِدُنْيَا لاَ يَدُومُ نَعِيمُهَا *** تَقَلَّبُ تَارَاتٍ بِنَا وَتَصَرَّفُ
المعتمد بن عباد ملك أشبيلية - قبض عليه وعلى ولده وأخذت أمواله وأودع السجن، وسبيت زوجاته وبناته ثم أخرج من ولايته مهاناً ذليلاً، ويقضي حياته في "أغمات في بلاد المغرب" أسيراً حسيراً كسيراً، وأصبحن بناته المترفات اللائي كن يخلط لهن التراب بالمسك ليمشين عليه؛ حسيرات يغزلن للناس الصوف ما عندهن ما يسترن به سوآتهن، ويأتين أباهن يوم العيد في السجن يزرنه، فيتأوه ويبكي وينشد وكان شاعراً:
فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً***فساءك العيد في أغمات مأسوراً
ترى بناتـــك في الأطمـــــار جائعة *** يغزلن للنــــاس ما يملكن قطميرا
برزن نحـــوك للتسليم خاشــــــعة *** أبصــــــــــارهـن حسيرات مكــــــــاسيرا
يطــأن في الطين والأقدام حافية *** كأنهــــــــــا لم تطأ مسـكـــا وكافـورا
من بــات بعـــدك في ملك يسر به *** فإنمـا بات بالأحـــــــلام مغرورا
اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ