تربية الأولاد والقيام عليهم بحسن الرعاية والإعداد
كما أنه يجب على الأب أن يعنى بتربية أولاده من جهة النفقة عليهم ورعاية صحتهم وتقوية أجسادهم فإنه مسئول قبل ذلك وفوقه عن تربيتهم وإصلاحهم روحيا وأخلاقيا وذلك بأن يجتهد وسعه فى تزكية نفوسهم وتهذيب أخلاقهم وتعبيدهم لربهم وخالقهم وغرس الإيمان فى قلوبهم منذ نعومة أظفارهم لأن الإيمان بالله تعالى هو أول واجب عليه وهو سبب سعادتهم وصلاح امرهم فى دنياهم وأخرتهم لذلك قال ربنا عزوجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6 فلن تبرأ ذمتك أن تسعى فى إصلاح نفسك وتقعد عن غيرك من الأهل والذرية وغيرهم ممن تقدر على إصلاحهم ،واجبك كما يجب عليك ان تصلح نفسك وتقيها من عذاب لله أن تحرص على إصلاح أهلك وعيالك ووقايتهم من عذاب الله. ولهذا قال علي رضي الله عنه ( قو أنفسكم وأهليكم نارا ) أي أدبوهم وعلموهم ,,وقال مجاهد اتقوا الله وأوصوا أهليكم بتقوى الله عزوجل.
وإن العلاقة أيها الأحبة بين الأبناء علاقة تبادلية تجاوبيه مشتركة فكلما شعر الولد بحرص والديه عليه وعطفهما وحنانهما وتعبهم من أجله كان أكثر برا بهما وإخلاص لهما وحرصا على القيام بحقهما، أما إذا شعرالولد بجفاء والده وإعراضه عنه وعدم اهتمامه واكتراثه به وانشغاله عن تربيته وأعداده بتجارته أو بعياله الآخرين أو بكثرة أسفاره وترحاله أو بنومه وكسله وقعوده على ما يجب عليه من الكسب والنفقة وحسن الإعداد والتربية فإن علاقة هذا الولد بوالده ستكون علاقة باردة شحيحة ،لانه لم يجد حنان الأبوة وحرارة الحب والمودة وكذلك الحال بالنسبة للأم فإنها إن أهملت ولدها وتخلت عن واجبها فى خدمته ورعايته ووكلت أمره إلى الخادمة أو الحاضنة وصرفت أكثر وقتها بعيدا عن أولادها وبيتها لأي سبب إما لإنشغالها بوضيفتها وعملها الذي يطول إلى أخر النهار أو لكثرة خروجها إلى الأسواق والأماكن العامة أو لزيارة الجيران ونحوهم فلا تنتظر هذه الأم من أولادها برها ولاتعجبن من عقوقهم لها وتقصيرهم في حقها لأن المرأ يحصد مازرع وإنك لا تجني من الشوك العنب والجزاء من جنس العمل وعلى نفسها جنت براقش.
وصدق شوقي رحمه الله حين قال :
ليس اليتيم من إنتهى أبوا من هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له أبا تخله أو أبا مشغولا
وإن من الواجب على الوالد أب كان أو أم شرعا ومن مصلحته دنيا وأخرى أن يعنى بأولاده وأن يجعل إصلاحهم وهدايتهم هما يشغل باله فى الليل وفى النهار فالأولاد هم غرس الأباء وثمرات أفئدتهم ،وهم وإن كانوا قرة العيون وثمار القلوب وزينة الحياة الدنيا إلا أنهم والله مسئولية عظمى وتبعة كبرى سيسأل الأباء والأمهات عنها.. أحفظوها أم ضيعوها
ولهذا قال ربنا عزوجل {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }الأنفال28 أي سبب لفتنتكم وإختباركم هل تتقون الله عزوجل فيهم وتحرصون على إصلاحهم وهدايتهم والأخذ على أيديهم إلى بر النجاة وواحة الطاعة والإيمان أم تكونون على الضد من ذلك ثم قال { وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }الأنفال28 فالله عزوجل يعلم مقدار ما يعانيه الأباء في تربية البنات والأبناء بخاصة فى زمننا هذا الذي كثرت فيه الفتن وتنوعت المغريات والعوائق والصوارف على الخير لكنك أيها الأب إن أخلصت فى ذلك وإحتسبت الأجر عند الله فأنت على سبيل الجهاد وعلى خير عظيم وأجرك عند الله عزوجل كبير جزيل ولهذ قال ( وإعلموا أن الله عنده أجر عظيم ) ,, ومما يدلك على أثر الوالد فى تربية الولد إن خير أو شر قول النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث المشهور ( ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) فكل ولد يولد على التوحيد والفطرة السليمة القابلة للخير وهو حقيقة بين يدي والده كالعجينة اللينة يشكلها كيفما يشاء وكالمراة الصافية ينقش فيها مايريد فإ بدر هذا الطفل من صغره بالخير والإصلاح نشأ عليه وترعر صالحا بإذن الله لان هذا يوافق فطرة الله التي فطر الناس عليها وإنما تنحرف هذه الفطرة بسبب الإهمال وسوء التربية وصدق القائل
وينشئ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه